الرسول ، فدعاه فودّع أهل السجن وخرج ، واغتسل ولبس ثيابا جددا ودخل عليه وسلّم (فَلَمَّا كَلَّمَهُ) وعرف فضله وعقله (قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ) ذو قدرة وجاه (أَمِينٌ) مأمون على أمرنا ، وكان الملك يعرف سبعين لسانا ، فكلّما كلمه بلسان أجابه به فأعجب منه ، وسأله عن رؤياه ففسرها له ، وقال : أكثر الزرع في السبع المخصبة وأحرزه في سنبله ، فيأتيك الناس ممتارين ، فقال ومن لي بذلك؟.
[٥٥] ـ (قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ) أرض مصر ، ولّنيها (إِنِّي حَفِيظٌ) لها أو للحساب (عَلِيمٌ) بأمرها أو بالألسن.
طلب الولاية ووصف فضله ليتمكن بها من الدعاء الى الحق وإقامة العدل بين الخلق مما هو منصب النبوة فتوصّل بذلك إليه ، فولاه وتوجّه وأجلسه على السرير ، وقيل عزل «قطفير» وجعله مكانه ، (١).
وقيل : بل مات وزوّجه «زليخا» فوجدها بكرا فولدت له «افرائيم» و «ميشا» (٢).
[٥٦] ـ (وَكَذلِكَ) الإنعام الذي أنعمنا عليه (مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) أرض مصر (يَتَبَوَّأُ) ينزل (مِنْها حَيْثُ يَشاءُ) وقرأ «ابن كثير» بالنون (٣) (نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ) في الدارين (وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) الى أنفسهم وغيرهم.
[٥٧] ـ (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) من أجر الدنيا (لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) المعاصي لبقائه وفضله.
ولما استوسق (٤) له الأمر جمع الطعام حتّى دخلت سنيّ الجدب وحل القحط بمصر ، فباعهم بالدراهم والدنانير حتّى صرفوها ، ثم بالحليّ ثم بالدواب ثم بالضياع ثم برقابهم فاسترقّهم.
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ٣ : ٢٤٣.
(٢) تفسير التبيان ٦ : ١٥٧.
(٣) تفسير التبيان ٦ : ١٥٧.
(٤) استوسق له الأمر استيساقا : اجتمع له.