(يَلْمِزُونَ) يعيبون (الْمُطَّوِّعِينَ) المتطوّعين (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) طاقتهم فيتصدقون به.
قيل لمّا نزلت آية الصدقة أتى رجل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بمائة وسق تمر ، فقالوا : إنما أعطى رياء.
وأتي آخر بصاع تمر ، فقالوا : ان الله غني عن صاعه (١) (فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ) يستهزءون بهم (سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ) جازاهم على سخريتهم (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
[٨٠] ـ (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) أي الأمران سواء في عدم نفعهم (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) أريد بالسبعين المبالغة في الكثرة ، لا خصوصية العدد ، وقد شاع استعمالها في ذلك.
وعنه (ص) : «لو اعلم أني لو زدت على السبعين غفر (لهم) لزدت» (٢).
وحديث «لأزيد على السبعين» (٣) ممنوع ، (٤) ولو سلّم جاز أن يكون بشرط التوبة فأخبر بأنهم لن يتوبوا ولن يغفر الله لهم بآية : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) (٥) (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) لا يلطف بهم لإصرارهم على كفرهم.
[٨١] ـ (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ) عن تبوك (بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ) بقعودهم خلفه أي بعده (وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) إيثارا للراحة على طاعة الله (وَقالُوا) للمؤمنين تثبيطا (٦) ، أو قال بعضهم لبعض : (لا تَنْفِرُوا
__________________
(١) نقله المؤلف بالمعنى ، ومعناه في تفسير مجمع البيان ٣ : ٥٤ وتفسير الكشّاف ٢ : ٥٠.
(٢) ينظر تفسير مجمع البيان ٣ / ٥٥.
(٣) ينظر تفسير البيضاوي ٢ : ٢٩٢ وتفسير الكشّاف ٢ : ٥١.
(٤) وقال الطبري في تفسير مجمع البيان ٣ / ٥٥ في وجه المنع «فإنه خبر واحد لا يعوّل عليه ولا يتضمّن انّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يستغفر لكفّار وذلك غير جائر بالإجماع.
(٥) سورة المنافقون : ٦٣ / ٦.
(٦) التثبيط : الحبس.