بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (١١٠))
(يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) في عين الجمع المطلق أو عين جمع الذات (فَيَقُولُ ما ذا) أجابكم الأمم حين دعوتموهم إليّ؟ أي : هل تطلعون على مراتبهم في كمالاتهم التي توجهوا إليها في متابعتكم (قالُوا لا عِلْمَ لَنا) أي : العلم كله لك جمعا وتفصيلا ليس لغيرك علم لفناء صفاتنا في صفاتك (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) فغيوب بواطننا وبواطنهم كلها علمك (نِعْمَتِي عَلَيْكَ) بالهداية الخاصة ومقام النبوّة والولاية (وَعَلى والِدَتِكَ) بالتطهير والتزكية والاصطفاء (تُكَلِّمُ النَّاسَ) في مهد البدن (وَكَهْلاً) بالغا إلى نور شيب الكمال بالتجرّد عن البدن وملابسه (وَإِذْ عَلَّمْتُكَ) كتاب الحقائق والمعارف الثابتة في اللوح المحفوظ بتأييد روح القدس وحكمة السلوك في الله بتحصيل الأخلاق والأحوال والمقامات والتجريد والتفريد ، وتوراة العلوم الظاهرة والأحكام المتعلقة بالأفعال وأحوال النفس وصفاتها ، وإنجيل العلوم الباطنة من علوم تجليات الصفات وأحكامها وأحكام أحوال القلب وصفاته وأعماله.
(وَإِذْ تَخْلُقُ) من طين العقل الهيولاني الذي هو الاستعداد المحض بيد التربية والحكمة العملية (كَهَيْئَةِ) طير القلوب الطائرة إلى حضرة القدس لتجرّدها عن عالمها وكمالها (بِإِذْنِي) أي : بعلمي وقدرتي وتيسيري عند تجلّي صفات حياتي وعلمي وقدرتي لك وإنصافك واستنبائي إياك (فَتَنْفُخُ فِيها) من روح الكمال ، حياة العلم الحقيقي بالتكميل والإضافة (فَتَكُونُ طَيْراً) نفسا مجرّدة كاملة تطير إلى جناب القدس بجناح العشق (وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ) المحجوب عن نور الحق. (وَالْأَبْرَصَ) المعيب بمرض محبة الدنيا وغلبة الهوى (وَإِذْ تُخْرِجُ) موتى الجهل من قبور البدن وأرض النفس (بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ) المحجوبين عن نور تجليات الصفات الجاهلين المضادّين لك لجهلهم بحالك ومقامك (عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ) بالحجج والدلائل الواضحة (فَقالَ الَّذِينَ) حجبوا (مِنْهُمْ) عن دين الحق (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) لحيرتهم فيه.
[١١١ ـ ١١٢] (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ (١١١) إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١١٢))
(وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ) أي : ألهمت في قلوبهم النورانيين الذين طهروا نفوسهم بماء المنافع والأعمال المزكية حتى قبلوا دعوتك لصفاء نفوسهم وأحبوك بالإرادة التامة لمناسبتهم إياك بنور الفطرة وصفاء الاستعداد (أَنْ آمِنُوا بِي) إيمانا حقيقيا بتوحيد الصفات