سورة هود
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] (الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١) الر كِتابٌ) مرّ ذكره (أُحْكِمَتْ آياتُهُ) أي : أعيانه وحقائقه في العالم الكلي بأن أثبتت دائمة على حالها لا تتبدل ولا تتغير ولا تفسد محفوظة عن كل نقص وآفة (ثُمَّ فُصِّلَتْ) في العالم الجزئي وجعلت مبينة في الظاهر معينة بقدر معلوم (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ) أي : أحكامها وتفصيلها من لدن حكيم بناها على علم وحكمة لا يمكن أحسن منها وأشدّ أحكاما (خَبِيرٍ) بتفاصيلها على ما ينبغي في النظام الحكمي في تقديرها وتوقيتها وترتيبها.
[٢] (أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (٢))
(أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) أي : ينطق عليكم بلسان الحال والدلالة أن لا تشركوا بالله في عبادته وخصوصه بالعبادة (إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ) كلام على لسان الرسول ، أي : إنني أنذركم من الحكيم الخبير عقاب الشرك وتبعته وأبشركم منه بثواب التوحيد وفائدته.
[٣ ـ ٦] (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣) إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤) أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٥) وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦))
(وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) أي : وحدوه واطلبوا منه أن يغفر هيئات النظر إلى الغير والاحتجاب بالكثرة والتقيد بالأشياء والوقوف معها حتى أفعالكم وصفاتكم (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) ارجعوا إليه بالفناء فيه ذاتا (يُمَتِّعْكُمْ) في الدنيا تمتيعا (حَسَناً) على وفق الشريعة والعدالة حالة البقاء بعد الفناء إلى وقت وفاتكم (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ) في الأخلاق والعلوم والكمالات (فَضْلَهُ) في الثواب والدرجات أو يمتعكم بلذات تجليات الأفعال والصفات عند تجرّدكم إلى وقت فنائكم أو ويؤت كل ذي فضل في الاستعداد فضله في الكمال والمرتبة عند الترقي والتدلي (وَإِنْ تَوَلَّوْا) أي : تعرضوا عن التوحيد والتجريد (فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) شاق عليكم وهو يوم الرجوع إلى الله القادر على كل شيء أي : يوم ظهور عجزكم وعجز ما تعبدون بظهوره تعالى في صفة قادريته فيقهركم بالعذاب.