سورة يوسف
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٥] (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ (٣) إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (٤) قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥))
(الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) مرّ ذكره (أَحْسَنَ الْقَصَصِ) لكون لفظه وتركيبه إعجازا ، وظاهر معناه مطابقا للواقع وباطنه دالا على صورة السلوك وبيان حال السالك كالقصص الموضوعة لذلك وأشدّ طباقا ، وأحسن وفاقا منها (يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) إلى آخره ، هذه من المنامات التي ذكرنا في سورة (هود) أنها تحتاج إلى تعبير لانتقال المتخيلة من النفوس الشريفة التي عرض على النفس من الغيب سجودها له إلى الكواكب والشمس والقمر وما كانت في نفس الأمر إلا أبويه وإخوته (لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً) هذا من الإلهامات المجملة ، فإنه قد يلوح صورة الغيب من المجردات الروحانية على الوجه الكلي العالي عن الزمان في الروح ويصل أثره إلى القلب ولا يتشخص في النفس مفصلا حتى يقع العلم به كما هو فيقع في النفس منه خوف واحتراز ، إن كان مكروها ، وفرح وسرور إن كان مرغوبا. ويسمى هذا النوع من الإلهام : إنذارات وبشارات ، فخاف عليهالسلام من وقوع ما وقع قبل وقوعه ، فنهاه عن إخبارهم برؤياه احترازا. ويجوز أن يكون احترازه كان من جهة دلالة الرؤيا على شرفه وكرامته وزيادة قدره على إخوته ، فخاف من حسدهم عليه عند شعورهم بذلك.
[٦] (وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦))
(وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ) أي : مثل ذلك الاصطفاء بإراءة هذه الرؤيا العظيمة الشأن ، يصطفيك للنبوّة إذ الرؤيا الصادقة ، خصوصا مثل هذه من مقدّمات النبوة ، فعلم من رؤياه أنه من المحبوبين الذين يسبق كشوفهم سلوكهم (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) بالنبوّة والملك.
[٧ ـ ٣٢] (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧) إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ