سورة الحجر
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٢٠] (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١) رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (٢) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٤) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٥) وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦) لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧) ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ (٨) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (١٠) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (١١) كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥) وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ (١٨) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩) وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ (٢٠))
(وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) أي : جامع لكل شيء ، مظهر له (وَلَقَدْ جَعَلْنا) في سماء العقل (بُرُوجاً) مقامات ومراتب من العقل الهيولاني والعقل بالملكة والعقل بالفعل والعقل المستفاد (وَزَيَّنَّاها) بالعلوم والمعارف (لِلنَّاظِرِينَ) المتفكرين فيه (وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) من الأوهام الباطلة (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ) فاختطف الحكم العقليّ باستراق السمع لقربه من أفق العقل (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ) أي : برهان واضح فنطرده ونبطل حكمه. وأرض النفس (مَدَدْناها) بسطناها بالنور القلبي (وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ) الفضائل (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) من الكمالات الخلقية والأفعال الإرادية والملكات الفاضلة والمدركات الحسيّة (مَوْزُونٍ) معين مقدّر بقدر عقلي عدلي غير مائل إلى طرفي الإفراط والتفريط لكل قوة بحسبها (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) بالتدابير الجزئية والأعمال البدنية (وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) ممن ينسب إليكم ويتعلق بكم ، أو جعلنا في سماء القلب بروجا مقامات كالصبر والشكر والتوكل والرضا والمعرفة والمحبة ، وزيناها بالمعارف والحكم والحقائق وحفظناها من كل شيطان رجيم من الأوهام والتخيلات (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ (١٨)) (١) أي : إشراق نوري من طوالع أنوار الهداية.
__________________
(١) سورة الحجر ، الآية : ١٨.