[٢١] (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١))
(وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) أي : ما من شيء في الوجود إلا له عندنا خزانة في عالم القضاء أولا بارتسام صورته في أمّ الكتاب الذي هو العقل الكليّ على الوجه الكليّ ، ثم خزانة أخرى في عالم النفس الكليّة وهو اللوح المحفوظ بارتسام صورته فيه متعلقا بأسبابه ، ثم خزانة أخرى بل خزائن في النفوس الجزئية السماوية المعبّر عنها بسماء الدنيا ولوح القدر بارتسام صورته فيها جزئية مقدّرة بمقدارها وشكلها ووضعها (وَما نُنَزِّلُهُ) في عالم الشهادة (إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) من شكل وقدر ووضع ووقت ومحل معينة واستعداد مختص به في ذلك الوقت.
[٢٢] (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ (٢٢))
(وَأَرْسَلْنَا) رياح النفحات الإلهية (لَواقِحَ) بالحكم والمعارف ، مصفيّة للقلوب ، معدّة للاستعدادات لقبول التجليات (فَأَنْزَلْنا) من سماء الروح ماء من العلوم الحقيقية (فَأَسْقَيْناكُمُوهُ) وأحييناكم به (وَما أَنْتُمْ) لذلك العلم (بِخازِنِينَ) لخلوكم عنها.
[٢٣] (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ (٢٣))
(وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي) بالحياة الحقيقية بماء الحياة العلمية والقيام في مقام الفطرة (وَنُمِيتُ) بالإفناء في الوحدة (وَنَحْنُ الْوارِثُونَ) للوجود ، الباقون بعد فنائكم.
[٢٤ ـ ٢٥] (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥))
(وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ) أي : المستبصرين ، المشتاقين من المحبين الطالبين للتقدّم (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ) المنجذبين إلى عالم الحس ومعدن الرجس باستيلاء صفات النفس ومحبة البدن ولذاته ، الطالبين للتأخر عن عالم القدس (وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ) مع من يتولونه ويجمعهم إلى من يحبونه وينزعون إليه (إِنَّهُ حَكِيمٌ) يدبّر أمرهم في الحشر على وفق الحكمة بحسب المناسبة (عَلِيمٌ) بكل ما فيهم من خفايا الميل والانجذاب والمحبة وما تقتضيه هيئاتهم وصفاتهم فسيجزيهم وصفهم.
[٢٦ ـ ٤٣] (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٦) وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ (٢٧) وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٨) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٢٩) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلاَّ إِبْلِيسَ