[٤٠ ـ ٤٧] (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١) وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (٤٤))
(وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (٤٥) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (٤٦) فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ (٤٧) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ) صلاة الشهود (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) كلا منهم مقيم صلاة تخصه (رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ) أي : طلبي للفناء التامّ فيك (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي) بنور ذاتك ذنب وجودي فلا أحتجب بالطغيان (وَلِوالِدَيَ) ولما يتسبب لوجودي من القوابل والفواعل فلا أرى غيرك ولا ألتفت إلى سواك فأبتلى بزيغ البصر ، ولمؤمني القوى الروحانية (يَوْمَ يَقُومُ) حساب الهيئات الروحانية النورانية والنفسانية الظلمانية أيها أرجح.
[٤٨ ـ ٥٢] (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٤٩) سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠) لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٥١) هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٥٢))
(يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) تبدّل أرض الطبيعة بأرض النفس عند الوصول إلى مقام القلب وسماء القلب بسماء السرّ وكذا تبدّل أرض النفس بأرض القلب وسماء السرّ بسماء الروح ، وكذا كل مقام يعبره لسالك يبدّل ما فوقه وما تحته كتبدّل سماء التوكل في توحيد الأفعال بسماء الرضا في توحيد الصفات ، ثم سماء الرضا بسماء التوحيد عند كشف الذات ثم يطوى الكل (وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ) الذي لا موجود غيره (الْقَهَّارِ) الذي يفنى كل ما عداه بتجليه (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ) المحتجبين بصفات النفوس وهيئات الرذائل (مُقَرَّنِينَ) في أماكنهم من سجين الطبيعة وهاوية هوى النفس بقيود علائق الطبيعيات وأرسان محبات السفليات (سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ) لاستيلاء سواد الهيئات المظلمة من تعلقات الجواهر الغاسقة عليها (وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ) نار القهر والإذلال والاحتجاب عن لذّة الكمال ، وفيه سرّ آخر لا ينكشف إلا لأهل القيامة ممن شاهد البعث والنشور ، والله أعلم.