[١١٠] (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١١٠))
(قُلِ ادْعُوا اللهَ) بالفناء في الذات الجامعة لجميع الصفات (أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) بالفناء في الصفة التي هي أمّ الصفات (أَيًّا ما) طلبت من هذين المقامين لست هناك بموجود ولا لك بقية ولا اسم ولا عين ولا أثر إذ الرحمن لا يصلح اسما لغير تلك الذات ولا يمكن ثبوت تلك الصفة أي : الرحمة الرحمانية لغيرها فلا يلزم وجود البقية بخلاف سائر الأسماء والصفات (فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) كلها في هذين المقامين لا لك (وَلا تَجْهَرْ) في صلاة الشهود بإظهار صفة الصلاة عن نفسك فيؤذن بالطغيان وظهور الأنانية (وَلا تُخافِتْ) غاية الإخفات فيؤذن بالانطماس في محل الفناء دون الرجوع إلى مقام البقاء ، فلا يمكن أحدا الاقتداء بك ، (وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) يدل على الاستقامة ولزوم سيرة العدالة في عالم الكثرة وملازمة الصراط المستقيم بالحق.
[١١١] (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً (١١١))
(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) أي : أظهر الكمالات الإلهية والصفات الرحمانية التي لا تكون إلا للذات الأحدية (الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) أي : لم يكن علة لموجود من جنسه لضرورة كون المعلول محتاجا إليه ممكنا بالذات معدوما بالحقيقة فكيف يكون من جنس الموجود حقا الواجب بذاته من جميع الوجوه (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ) من يساويه في قوة القهر والمملكة من الشريك في الملك وإلا لكانا مشتركين في وجوب الوجود والحقيقة. فامتياز كل واحد منهما عن الآخر لا بد وأن يكون بأمر غير الحقيقة الواجبية فلزم تركبهما فكانا كلاهما ممكنين لا واجبين وأيضا فإن لم يستقلا بالتأثير لم يكن أحدهما إلها ، وإن استقلّ أحدهما دون الآخر فذلك هو الإله دونه فلا شريك له وإن استقلا جميعا لزم اجتماع المؤثرين المستقلين على معلول واحد إن فعلا معا وإلا لزم إلهية أحدهما دون الآخر رضي بفعله أو لم يرض (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ) أي : لم يكن له ناصر علة كان أو جزء علة تقويه وتنصره من ذلّة الانفعال والعدم وإلا لم يكن إلها واجبا بل ممكنا لتكون حبيبا قائما به لا بنفسك (وَكَبِّرْهُ) من أن يتقيد بصفة دون أخرى أو صورة غير أخرى أو يلحقه شيء من هذه النقائص فينحصر في وجود خاص تبارك وتعالى عن ذلك علوّا كبيرا (تَكْبِيراً) لا يقدر قدره ولا يعرف كنهه لامتناع وجود شيء غيره يفضل عليه وينسب إليه بل كل ما يتصور ويعقل ولا يكبر غيره بهذا التكبير والله الحق الموفق.