لأنّ ممارسة الظلم في حقيقتها ظلم للنفس قبل الآخرين ، لأنّ الظالم يتلف ملكاته الوجدانية ، ويهتك حرمة الصفات الفطرية الكامنة فيه.
أمّا حين تحين ساعة الموت ويزول حجاب الغفلة عن العيون (فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ).
لماذا ينكرون عملهم القبيح؟ فهل إنّهم يكذبون وقد أصبح الكذب صفة ذاتية لهم من كثرة تكراره ، أم يريدون القول : إنّنا نعلم سوء أعمالنا ، ولكننا اخطأنا ولم تكن لدينا نوايا سيئة فيه.
يمكن القول بإرادة كلا الأمرين.
ولكن الجواب يأتيهم فوراً : إنّكم تكذبون فقد ارتكبم ذنوباً كثيرة : (بَلَى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) حتى بنيّاتكم.
وليس المقام محلًّا للإنكار أو التبرير ... (فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبّرِينَ).
(وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَا ذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (٣٠) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ (٣١) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٣٢)
عاقبة المتقين والمحسنين : قرأنا في الآيات السابقة أقوال المشركين حول القرآن وعاقبة ذلك ، والآن ندخل مع المؤمنين في اعتقادهم وعاقبته .. فيقول القرآن : (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا).
ما أجمل هذا التعبير وأكمله «خيراً» خير مطلق يشمل كل : صلاح ، سعادة ، رفاه ، تقدم مادي ومعنوي ، خير للدنيا والآخرة ، خير للإنسان الفرد والمجتمع.
وتبيّن الآية مورد البحث نتيجة وعاقبة ما أظهره المؤمنون من اعتقاد ، كما عرضت