أعماق قلبها ، وطرق سمعها صوت ، (فَنَادَيهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِى قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا). وانظري إلى الأعلى كيف أنّ هذا الجذع اليابس قد تحوّل إلى نخلة مثمرة ، (وَهُزّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرّى عَيْنًا) بالمولود الجديد ، (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِى إِنّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا). وهذا الصوم هو المعروف بصوم السكوت.
وعلى هذا فليهدأ روعك من كل الجهات ، ولا تدعي للهم طريقاً إلى نفسك.
ويظهر من تعبير الآية أنّ نذر صوم السكوت كان أمراً معروفاً في ذلك المجتمع ، ولهذا لم يعترضوا على هذا العمل ؛ غير أنّ هذا النوع من الصوم غير جائز في شريعتنا.
عن علي بن الحسين عليهالسلام (في حديث) قال : «وصوم الصمت حرام» (١).
استفاد المفسرون مما جاء صريحاً في هذه الآيات ، أنّ الله سبحانه قد جعل غذاء مريم حين ولادة مولودها الرطب.
في الكافي عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ليكن أوّل ما تأكل النفساء الرطب ، فإنّ الله عزوجل قال لمريم : (وَهُزّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا).
ويستفاد من الروايات أنّ أفضل غذاء ودواء للحامل هو الرطب.
(فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً (٢٧) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً (٢٨) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً (٢٩) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَمَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً (٣١) وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً (٣٢) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً) (٣٣)
المسيح يتكلّم في المهد : وأخيراً رجعت مريم عليهاالسلام من الصحراء إلى المدينة وقد احتضنت طفلها (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ). فلمّا رأوا طفلاً حديث الولادة بين يديها فغرّوا أفواههم تعجّباً ، وتعجّل آخرون في القضاء والحكم ، وقالوا : إنّ من المؤسف هذا الإنحدار مع ذلك الماضي المضيء ، ومع الأسف على تلوّث سمعة تلك الأسرة الطاهرة ، (قَالُوا يَا مَرْيَمُ
__________________
(١) وسائل الشيعة ٧ / ٣٩٠.