إنّ هذه الجملة إشارة إلى نفس ذلك المطلب الذي نقرؤه في الآية (١٤) من سورة فاطر.
يستفاد هذا التفسير من حديث مروي عن الإمام الصادق عليهالسلام حيث قال في تفسير هذه الآية : «يكون هؤلاء الذين اتّخذوهم آلهة من دون الله ضداً يوم القيامة ويتبرؤون منهم ومن عبادتهم إلى يوم القيامة».
(أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً (٨٣) فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً (٨٤) يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً (٨٦) لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) (٨٧)
بملاحظة البحث في الآيات السابقة الذي كان حول المشركين ، فإنّ البحث في هذه الآيات ، إشارة إلى بعض علل انحراف هؤلاء ، ثم تبيّن الآيات في النهاية عاقبتهم المشؤومة ، وتثبت هذه الحقيقة ، وهي أنّ هذه الآلهة لم تكن سبب عزّتهم بل أصبحت سبب ذلّهم وشقائهم ، فتقول أوّلاً : (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيطِينَ عَلَى الْكفِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا).
«الأزّ» : في الأصل يعني غليان القدر ، وتقلّب محتواه عند شدة غليانه ؛ وهو هنا كناية عن مدى تسلّط الشياطين على هؤلاء ، بحيث إنّهم يوجّهونهم بالصورة التي يريدونها ، وفي المسير الذي يشاؤون ، ويقلّبونهم كيف يشتهون.
ومن البديهي أنّ تسلط الشياطين على بني آدم ليس تسلطاً إجبارياً ، بل إنّ الإنسان الذي يسمح للشياطين بالنفوذ إلى قلبه وروحه.
ثم يوجّه القرآن المجيد الخطاب إلى النبي صلىاللهعليهوآله فيقول : (فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) وسنسجّل كل شيء لذلك اليوم الذي تشكّل فيه محكمة العدل الإلهي.
وهناك احتمال آخر في تفسير الآية ، وهو أنّ المراد من عدّ أيام عمر ـ بل أنفاس ـ هؤلاء ، أنّ مدّة بقائهم قصيرة وداخلة تحت إمكان الحساب والعد.
ثم تبيّن المسير النهائي للمتقين والمجرمين في عبارات موجزة ، فتقول : إنّ كل هذه الأعمال جمعناها وإدّخرناها لهم : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْدًا).
في تفسير علي بن ابراهيم عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : «سأل علي عليهالسلام رسول الله صلىاللهعليهوآله عن تفسير قوله : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْدًا) قال : يا علي ، الوفد لا يكون إلّاركباناً ، اولئك رجال اتّقوا الله فأحبّهم واختصهم ورضي أعمالهم فسمّاهم الله المتقين. ثم قال : يا علي أما