إجباريين ، لم يكن هناك معنىً للسير في الأرض والنظر إلى عاقبة المكذبين.
الآية الأخيرة من الآيات مورد البحث تؤكّد التسلية لقلب النبي صلىاللهعليهوآله بتبيان ما وصلت إليه حال الضالين : (إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَيهُمْ فَإِنَّ اللهَ لَايَهْدِى مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُم مّن نَّاصِرِينَ). «تحرص» : من مادة (حرص) ، وهو طلب الشيء بجديّة وسعي شديد.
بديهي ، أنّ الآية لا تشمل كل المنحرفين ، لأنّ الشمول يتعارض مع وظيفة النبي (هداية وتبليغ).
فعليه ... تكون الجملة المتقدمة خاصة بمجموعة معينة من الضالين الذين وصل بهم العناد واللجاجة في الباطل لأقصى درجات الضلال ، وأصبحوا غرقى في بحر الإستكبار والغرور والغفلة والمعصية فاغلقت أمامهم أبواب الهداية.
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٨) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ (٣٩) إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٤٠)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : قالوا : كان لرجل من المسلمين على مشرك دين ، فتقاضاه فوقع في كلامه والذي أرجوه بعد الموت أنّه لكذا. فقال المشرك : وإنّك لتزعم أنّك تبعث بعد الموت وأقسم بالله لا يبعث الله من يموت. فأنزل الله الآية.
التّفسير
المعاد ونهاية الإختلافات : تعرض الآيات أعلاه جانباً من موضوع «المعاد» تكميلاً لما بحث في الآيات السابقة ضمن موضوع التوحيد ورسالة الأنبياء. فتقول الآية الاولى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَايَبْعَثُ اللهُ مَن يَمُوتُ).
وهذا الإنكار الخالي من الدليل والذي ابتدؤوه بالقسم المؤكّد ، ليؤكّد بكل وضوح على جهلهم ولهذا يجيبهم القرآن بقوله : (بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَايَعْلَمُونَ).
ثم يتطرق القرآن الكريم إلى ذكر أحد أهداف المعاد وقدرة الله عزوجل على ذلك ، ليردّ الإشتباه القائل بعدم إعادة الحياة بعد الموت ، أو بعبثية المعاد ... فيقول : (لِيُبَيّنَ لَهُمُ الَّذِى