يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ) في إنكارهم للمعاد وبأنّ الله لا يبعث من يموت.
فالرجوع إلى الوحدة وانتهاء الخلافات العقائدية من أهداف المعاد وقد أشارت إليه الآية مورد البحث.
ثم يشير القرآن إلى الفقرة الثانية من بيان حقيقة المعاد ، للرد على من يرى عدم إمكان إعادة الإنسان من جديد إلى الحياة من بعد موته : (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْءٍ إِذَا أَرَدْنهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ).
إنّ «كن» إنّما ذكرت لضرورة اللفظ ، وإلّا لا حاجة في أمر الله ل «كن» أيضاً ، فإرادته سبحانه وتعالى كافية في تحقيق ما يريد.
فإرادته إحداثه لا غير ذلك ، لأنّه لا يُروّي ولا يهم ولا يتفكر ، وهذه الصفات منفية عنه وهي من صفات الخلق ، فإرادة الله تعالى هي الفعل لا غير ذلك ، يقول له : كن فيكون ، بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همة ولا تفكر ولا كيف كذلك كما أنّه بلا كيف.
(وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (٤٢)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : الآية الاولى نزلت في المعذبين بمكة مثل صهيب ، وعمار ، وبلال ، وخباب ، وغيرهم مكّنهم الله بالمدينة ، وذكر أنّ صهيباً قال لأهل مكة : أنا رجل كبير إن كنت معكم لم ينفعكم وإن كنت عليكم لم يضرّكم فخذوا مالي ودعوني. فأعطاهم ماله وهاجر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال له أبوبكر : ربح البيع يا صهيب.
التّفسير
ثواب المهاجرين : نرى في الآيات السابقة الحديث عن المشركين ومنكري يوم القيامة ، وينتقل الحديث في الآيات مورد البحث إلى المهاجرين المخلصين ، ليقارن بين المجموعتين ويبيّن طبيعتهما فيقول أوّلاً : (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِى اللهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوّئَنَّهُمْ فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً). أمّا في الآخرة : (وَلَأَجْرُ الْأَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).
ثم يصف في الآية التالية المهاجرين المؤمنين الصالحين بصفتين ، فيقول : (الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).