وعبره ، فتقول : (مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيمَةِ وِزْرًا).
نعم ... إنّ الإعراض عن القرآن يجرّ الإنسان إلى مثل هذه المتاهات التي تحمّله أعباءاً ثقيلة من أنواع الذنوب والانحرافات الفكرية والعقائدية.
ثم تضيف : (خلِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيمَةِ حِمْلاً).
ثم تتطرق الآيات إلى وصف يوم القيامة وبدايته ، فتقول : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا). «زُرق» : جمع «أزرق» تأتي عادةً بمعنى زرقة العين ، إلّاأنّها تطلق أحياناً على القاتم جسده بسبب الشدة والألم ، فإنّ البدن عند تحمّل الألم والتعب والعذاب يضعف ، ويفقد طراوته ، فيبدو قاتماً وكأنّه أزرق.
في هذه الحال يتحدث المجرمون فيما بينهم بإخفات حول مقدار مكوثهم وبقائهم في عالم البرزخ ، فبعضهم يقول : لم تلبثوا إلّاعشر ليال ، أو عشرة أيام بلياليها : (يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا).
وإنّ تخافتهم هذا بالكلام إمّا هو للرعب والخوف الشديد الذي ينتابهم عند مشاهدة أهوال القيامة ، أو أنّه نتيجة شدة ضعفهم وعجزهم.
ثم يضيف : (نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ) سواء تكلّموا بهمس أم بصراخ ، وبصوت خفي أم عال (إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا).
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً (١٠٥) فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً (١٠٦) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلَا أَمْتاً (١٠٧) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً (١٠٨) يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (١٠٩) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (١١٠) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (١١١) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْماً وَلَا هَضْماً) (١١٢)
مشهد القيامة المهول : تتابع هذه الآيات الكلام في الآيات السابقة عن الحوادث المرتبطة بانتهاء الدنيا وبداية القيامة. ويظهر من الآية الاولى أنّ الناس كانوا قد سألوا