الآيتان اللاحقتان تشرحان ما توصّلنا إليه ، وذلك بإستعراض خمس ملاحظات :
١ ـ إنّ ما إستعرضته الآيات الخاصة بالمراحل التي تسبق مراحل الحياة للإنسان وعالم النبات ، من أجل أن تعلموا أنّ الله تعالى حقّ (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ). وبما أنّه هو الحق ، فالنظام الذي خلقه حق أيضاً ، لهذا لا يمكن أن يكون هذا الخلق دون هدف.
وبما أنّ هذه الحياة ليست عبثاً ، وأنّ لها هدفاً ، وأنّنا لا نصل إلى تحقيق ذلك الهدف في حياتنا ، إذن نعلم من ذلك وجود المعاد والبعث حتماً.
٢ ـ إنّ هذا النظام الذي يسيطر على عالم الحياة يقول لنا (وَأَنَّهُ يُحْىِ الْمَوْتَى). إنّ الذي يلبس الأرض لباس الحياة ، ويغيّر النطفة التافهة إلى إنسان كامل ، ويمنح الحياة للأرض الميتة ، لقادر على أن يمنح الحياة للموتى.
٣ ـ الهدف الآخر هو أن نعلم (وَأَنَّهُ عَلَى كُلّ شَىْءٍ قَدِيرٌ) ولا يستحيل على قدرته شيء.
هل يمكن لأحد تحويل الأرض الميتة إلى نطفة ، ويطوّر هذه النطفة التافهة في مراحل الحياة ، أليس القادر على القيام بهذه الأعمال بقادر على أن يحيي الإنسان بعد موته؟!
٤ ـ إنّ كل هذا لتعلموا أنّ ساعة نهاية هذا العالم وبداية عالم آخر ، ستحلّ بلا شك فيها (وَأَنَّ السَّاعَةَءَاتِيَةٌ لَّارَيْبَ فِيهَا).
٥ ـ ثم إنّ كل هذا مقدمة لنتيجة أخيرة هي (وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَن فِى الْقُبُورِ).
وعلي هذا الأساس أنّ البعث ليس ممكن فحسب ، بل إنّه سيقع حتماً.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (٨) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (٩) ذلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (١٠)
الجدال بالباطل مرّة اخرى : تتحدث هذه الآيات أيضاً عمّن يجادلون في المبدأ والمعاد
__________________
ـ (مفردات الراغب الاصفهاني). والبعض الآخر قال : إنّ كلمة «هامدة» تطلق على الحد الفاصل بين الموت والحياة (تفسير في ظلال القرآن).
«إهتزّت» : مشتقة من «الهزّ» وتعني تحرّكت بشدة.
«ربت» : مشتقة من «الربو» وتعني الزيادة والنمو ، كما أنّ كلمة «ربا» مشتقة أيضاً من «الربو».
«بهيج» : تعني الجميل الساحر السارّ.