إنّ جميع العبادات دروس في التربية الإسلامية ، فتقديم الاضحية ـ مثلاً ـ فيه درس الإيثار والتضحية والسماح والاستعداد للشهادة في سبيل الله ، وفيه درس مساعدة الفقراء والمحتاجين.
وعبارة (لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا) مع أنّ دماءها غير قابلة للاستفادة ، ربّما تشير إلى الأعمال القبيحة التي كان يمارسها أعراب الجاهلية ، الذين كانوا يلطّخون أصنامهم وأحياناً الكعبة بدماء هذه القرابين.
وقد اتّبعهم في ممارسة هذا العمل الخرافي مسلمون جاهلون ، حتى نهتهم هذه الآية المباركة.
ثم تشير الآية ثانيةً إلى نعمة تسخير الحيوان قائلة : (كَذلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَيكُمْ).
إنّ الهدف الأخير هو التعرف على عظمة الخالق جلّ وعلا ، لهذا تقول الآية في الختام : (وَبَشّرِ الْمُحْسِنِينَ). اولئك الذين استفادوا من هذه النعم الإلهية في طاعة الله ، وأنجزوا واجباتهم على خير وجه ، ولم يقصّروا في الإنفاق في سبيل الله أبداً.
وقد تؤدّي مقاومة خرافات المشركين التي أشارت إليها الآيات السابقة إلى إثارة غضب المتعصبين المعاندين ، ووقوع إشتباكات محدودة أو واسعة ، لهذا طمأن الله سبحانه وتعالى المؤمنين بنصره : (إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَءَامَنُوا).
لتتّحد قبائل عرب الجاهلية مع اليهود والنصارى والمشركين في شبه الجزيرة العربية للضغط على المؤمنين كما يحلو لهم ، فلن يتمكّنوا من بلوغ ما يطمحون إليه ، لأنّ الله وعد المؤمنين بالدفاع عنهم وعداً تجلّى صدقه في دوام الإسلام حتى يوم القيامة ، ولا يختص الدفاع الإلهي عن المؤمنين في الصدر الأوّل للإسلام وحسب ، بل هو ساري المفعول أبد الدهر ، فإن كنّا على نهج الذين آمنوا. فالدفاع الإلهي عنّا أكيد. ومن ذا الذي لا يلتمس دفاع الله سبحانه عن عباده الصالحين؟
وفي الختام توضّح هذه الآية موقف المشركين وأتباعهم بين يدي الله بهذه العبارة الصريحة : (إِنَّ اللهَ لَايُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ). اولئك الذين أشركوا بالله حتى أنّهم ذكروا أسماء أوثانهم عند التلبية. فثبتت عليهم الخيانة والكفر لأنعم الله.