(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْ لَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) (٤١)
أوّل حكم بالجهاد : في تفسير مجمع البيان (والتفسير الكبير أيضاً) كان المشركون يؤذون المسلمين ولا يزال يجيء مشجوج ومضروب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ويشكون ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فيقول لهم صلوات الله عليه وآله : (اصبروا فإنّي لم اؤمر بالقتال). حتى هاجر ، فأنزل الله عليه هذه الآية بالمدينة ، وهي أوّل آية نزلت في القتال.
ولمّا وعد الله المؤمنين بالدفاع عنهم في الآية السابقة يتّضح جيّداً الإرتباط بين هذه الآيات. تقول الآية : إنّ الله تعالى أذن لمن يتعرّض لقتال الأعداء وعدوانهم بالجهاد ، وذلك بسبب أنّهم ظلموا : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا). ثم أردفت بنصرة الله القادر للمؤمنين (وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).
عليكم بالجدّ والعمل بكل ما تستطيعون من قدرة ، وعندما تستحقون النصر بإخلاصكم ينجدكم الله وينصركم على أعدائه ، وهذا ما حدث للرسول صلىاللهعليهوآله في جميع حروبه التي كانت تُكلّل بالنصر.
ثم توضّح هذه الآيات للمظلومين ـ الذين أذن لهم بالدفاع عن أنفسهم ـ بواعث هذا الدفاع ، ومنطق الإسلام في هذا القسم من الجهاد فتقول : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيرِهِم بِغَيْرِ حَقّ). وذنبهم الوحيد أنّهم موحّدون : (إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ).
ثم تستعرض الآية واحداً من جوانب فلسفة تشريع الجهاد فتقول : (وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا). أي إنّ الله إن لم يدافع عن المؤمنين ، ويدفع بعض الناس ببعضهم عن طريق الإذن بالجهاد ،