موسى عليهالسلام ، وهلكوا. أمّا الآيات موضع البحث فقد تحدّثت باختصار جدّاً عن إنتفاضة موسى وهارون على الفراعنة ومصير هؤلاء القوم المستكبرين ، فقالت : (ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هرُونَ بَايتِنَا وَسُلْطنٍ مُّبِينٍ).
إنّ «الآيات» تعني المعجزات التي أعطاها الله لموسى بن عمران (الآيات التسع). وتقصد عبارة «سلطان مبين» المنطق القوي والبرهان الدافع لموسى عليهالسلام أمام الفراعنة.
أجل بعثنا موسى وأخاه هارون بهذه الآيات وسلطان مبين (إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَإِيهِ).
لعل ذلك إشارة إلى أنّ الفراعنة هم أساس الفساد ، ولا يصلح أيّ بلد إلّابصلاح قادته ، إلّاأنّهم (فَاسْتَكْبَرُوا) لأنّهم لم يرضخوا لآيات الحق والسلطان المبين.
والفراعنة كانوا مستكبرين طاغين ، كما تقول الآية : (وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ).
ومن الدلائل الواضحة على إحساسهم بالإستعلاء ، قولهم : (وَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عبِدُونَ) (١). فقد تصدّوا لموسى وأخيه هارون بهذه الأدلة الخاوية ، مخالفة منهم للحق (فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ). وهكذا إنتهى أعداء بني إسرائيل الذين كانوا سدّاً مانعاً لدعوة موسى وهارون إلى الله سبحانه.
وبدأت بعدها مرحلة تعليم وتربية بني إسرائيل ، فأنزل الله في هذه المرحلة «التوراة» على موسى ، الذي دعا بني إسرائيل للإهتداء بهذا الكتاب وتطبيقه على ما ذكرته الآية الأخيرة هنا : (وَلَقَدْءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتبَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ).
(وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) (٥٠)
آية اخرى من آيات الله : أشارت الآية في آخر مرحلة من شرحها لحياة الأنبياء إلى السيد المسيح عليهالسلام وامه مريم ، فقالت : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُءَايَةً).
وقد استعملت «الآية» عبارة «ابن مريم» بدلاً من ذكر اسم عيسى ، لجلب الإنتباه إلى حقيقة ولادته من ام دون أب بأمر من الله ، وهذه الولادة هي بذاتها من آيات الله الكبيرة.
ثم أشارت الآية إلى الأنعم الكبيرة التي أسبغها الله على هذه الامّ الزكية وإبنها فتقول : (وَءَاوَيْنهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ). «الربوة» : مشتقة من «الربا» بمعنى الزيادة والنمو ،
__________________
(١) يطلق على الإنسان «البشر» ، لأنّ بشرته وجلده عارية ، خلافاً لما عليه الحيوانات من لباس طبيعي خاص بكلّ نوع منهما.