«سامراً» : مشتقة من «سَمَرَ» على وزن «نصر» بمعنى التحدّث ليلاً.
«تهجرون» : مشتقة من «هَجْر» وتعني بالأصل الإبتعاد والانفصال ، وقد وردت بمعنى الهذيان الصادر من المريض ، لأنّ كلامه في تلك الحالة غير سليم ، ويبعث على النفور كما أنّ الهُجر (على وزن كُفر) يعني السباب ، وهو أيضاً يبعث على الإبتعاد والقطيعة.
وقد جاءت كلمة «تهجرون» في الآية بالمعنى الأخير ، فتقول : إنّ المشركين من العرب كانوا يتسامرون حتى ساعات متأخّرة من الليل ، وهم يهذون ويكيلون السباب والشتائم كالمرضى.
(أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (٧٠) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (٧١) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٧٢) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٣) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ) (٧٤)
أعذار المنكرين المختلفة : تحدّثت الآيات السابقة عن إعراض الكفار وإستكبارهم إزاء الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله. وتناولت هذه الآيات أعذارهم في هذا المجال والردّ عليهم ، وشرحت الدوافع الحقيقية لإعراض المشركين عن القرآن والرسول صلىاللهعليهوآله ، ويمكن تلخيصها في خمس مراحل :
الاولى : (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ). فأوّل سبب لتعاستهم هو تعطيل التفكّر في مضمون دعوة النبي صلىاللهعليهوآله ولو تفكّروا مليّاً لما بقيت مشكلة لديهم.
وفي المرحلة الثانية تقول الآية : (أَمْ جَاءَهُم مَّا لَمْ يَأْتِءَابَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ). سألت الآية مستنكرةً : أكانت الدعوة إلى التوحيد والمعاد ، والهدى إلى الأعمال الصالحة مختصة بهم دون آبائهم الأوّلين ، ليحتجّوا بأنّها بدعةً ، ويقولوا : لماذا لم يبعثه الله للأوّلين ، وهو لطيف بعباده؟
ليس لهم ذلك ، لأنّ الإسلام من حيث المبادىء له مضمون سائر الرسالات التي حملها الأنبياء عليهمالسلام فهذا التبرير غير منطقي ولا معنى له.