وتستعرض الآية التالية النتيجة الطبيعية لهذا الموضوع ، فتقول : (وَإِنَّ الَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ بِالْأَخِرَةِ عَنِ الصّرَاطِ لَنكِبُونَ).
«ناكب» : مشتقة من «النكب» و «النكوب» أي الانحراف عن الطريق. «نكبت الدنيا» تقع في مقابل إقبال الدنيا ، وتعني إدبار الدنيا وإعراضها عن المرء.
والصراط يقصد به هنا ما في الآية السابقة.
أوضحت الآيات السابقة عدداً من صفات القادة إلى طريق الحقّ ، فهم المعروفون بالصلاح والإستقامة.
ويواصلون عملهم بإصرار دائم لنشر العقيدة الحقّة رغم رفض عدد كبير من الناس لهم وحقدهم عليهم.
والصفة الاخرى للأنبياء أنّهم لم يطلبوا أجراً من الناس.
(وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٥) وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (٧٦) حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٧) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ (٧٨) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) (٨٠)
طرق التوعية الإلهية المختلفة : عرضت الآيات السابقة الحجج التي يتذرّع بها منكرو الحق في رفض الرسالات وإيذاء الأنبياء عليهمالسلام ، وتناولت هذه الآيات إتمام الحجة عليهم من قبل الله تعالى وتوعيتهم. فتقول أوّلاً : إنّنا تارةً نشملهم برعايتنا ونرزقهم من وفير النعمة لينتبهوا ، ولكن : (وَلَوْ رَحِمْنهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِى طُغْينِهِمْ يَعْمَهُونَ).
والله تعالى يبتليهم لعلهم يعون حين لا تجدي بهم رحمته سبحانه ، لكن طائفة غالبة منهم لم يستيقظوا حتى بالبلاء المذل : (وَلَقَدْ أَخَذْنهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ).