ومواجهة الظالمين. وهذا التوفيق الإلهي يناله العبد في ظل الإيمان والتوبة.
٢ ـ إنّ الله تبارك وتعالى بلطفه وكرمه وفضله وإنعامه يمحو سيئات أعمال العبد بعد التوبة ، ويضع مكانها حسنات.
٣ ـ والمقصود من السيئات آثارها السيئة التي تنطبع بها روح ونفس الإنسان ، فحينما يتوب ويؤمن تجتث تلك الآثار السيئة من روحه ونفسه.
الآية التالية تشرح كيفية التوبة الصحيحة ، فيقول تعالى : (وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتَابًا) (١). يعني أنّ التوبة وترك الذنب ينبغي ألّا تكون بسبب قبح الذنب ، بل ينبغي ـ إضافة إلى ذلك ـ أن يكون الدافع إليها خلوص النية ، والعودة إلى الله تبارك وتعالى.
(وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (٧٢) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (٧٣) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (٧٤) أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (٧٥) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا) (٧٦)
الصفة التاسعة لـ «عباد الرحمن» ، هي احترام وحفظ حقوق الآخرين : إنّ هؤلاء لا يشهدون بالباطل مطلقاً : (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ). والمقصود من «الشهود» هو «الحضور» يعني أنّ عباد الرّحمن لا يتواجدون في مجالس الباطل. فعباد الرّحمن لا يؤدون الشهادة الكاذبة ، ولا يشهدون مجالس اللهو والباطل والخطيئة ، ذلك لأنّ الحضور في هذه المجالس ـ فضلاً عن ارتكاب الذنب ـ فإنّه مقدمة لتلوث القلب والروح.
ثم يشير تعالى في آخر الآية إلى صفتهم الرفيعة العاشرة ، وهي امتلاك الهدف الإيجابي في الحياة ، فيقول : (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا).
إنّهم لا يحضرون مجالس الباطل ، ولا يتلوثون باللغو والبطلان.
الصفة الحادية عشر لهذه النخبة امتلاك العين الباصرة والاذن السامعة حين مواجهتهم
__________________
(١) «متاب» : مصدر ميمي بمعنى التوبة ، ولأنّه مفعول مطلق هنا ، فهو للتوكيد.