في عملية بناء المجتمع السليم ، إلّاأنّها ليست العامل الوحيد الذي يقوم بهذه المهمّة ، ولذلك جاء الأمر بـ «الإحسان» بعد «العدل» مباشرة ومن غير فاصلة.
في نهج البلاغة عن علي عليهالسلام أنّه قال : «العدل : الإنصاف ، والإحسان : التفضل».
وبعد ذكر القرآن الكريم للُاصول الإيجابية الثلاثة يتطرق للُاصول المقابلة لها (السلبية) فيقول : (وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْىِ).
إنّ «الفحشاء» : إشارة إلى الذنوب الخفيّة ؛ و «المنكر» : إشارة إلى الذنوب العلنية ؛ و «البغي» : إشارة إلى كل تجاوز عن حق الإنسان ، وظلم الآخرين والإستعلاء عليهم.
وفي آخر الآية المباركة يأتي التأكيد مجدداً على أهمية هذه الأصول الستة : (يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
فإحياء الأصول الثلاثة «العدل ، والإحسان ، وإيتاء ذي القربى» ومكافحة الانحرافات الثلاث «الفحشاء والمنكر ، والبغي» على صعيد العالم كفيل بأن يجعل الدنيا عامرة بالخير ، وهادئة من كل اضطراب ، وخالية من أيّ سوء وفساد ، وإذا روي عن ابن مسعود (الصحابي المعروف) قوله : (هذه الآية أجمع آية في كتاب الله للخير والشر) فهو للسبب الذي ذكرناه.
(وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٩١) وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٩٢) وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٣) وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (٩٤)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : الآية الاولى نزلت في الذين بايعوا النبي صلىاللهعليهوآله على الإسلام فقال