حين يقعون بين أمواج البحر المتلاطمة ينسون جميع معبوديهم ويتوجهون نحو لطف الله ، كما نقرأ في الآية (٦٥) من سورة العنكبوت : (فَإِذَا رَكِبُوا فِى الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ).
لذلك تضيف الآية قائلة : إنّه لا ينقذكم من هذه المآزق والشدائد فحسب ، بل : (وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءِلهٌ مَّعَ اللهِ) ولكنّكم لا تتعضون بهذه الدلائل .. (قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ).
ويثير القرآن في السؤال الرابع مسألة الهداية فيقول : هل أنّ الأصنام أفضل ، (أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِى ظُلُمتِ الْبَرّ وَالْبَحْرِ) بواسطة النجوم (وَمَن يُرْسِلُ الرّيحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ).
فالرياح التي تدل على نزول الغيث ، وكأنّها رسل البشرى تتحرك قبل نزول الغيث.
ويخاطب القرآن في ختام الآية المشركين مرّة اخرى فيقول : (أَءِلهٌ مَّعَ اللهِ).
ثم يضيف دون أن ينتظر الجواب قائلاً : (تَعلَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).
أمّا في آخر آية من الآيات محل البحث ، فيثير القرآن السؤال الخامس في شأن المبدأ والمعاد بهذه الصورة ، فيقول : هل أنّ أصنامكم أفضل ، (أَمَّن يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَءِلهٌ مَّعَ اللهِ) .. فهل بعد ذلك تعتقدون بوجود معبود غير الله (قُلْ هَاتُوا بُرْهنَكُمْ إِن كُنتُمْ صدِقِينَ).
والمراد من (الرزق السماوي) هو الغيث ونور الشمس وأمثال ذلك ، أمّا (الرزق الأرضي) فالنباتات والمواد الغذائية المختلفة التي تنمو على الأرض مباشرة ، أو عن طريق غير مباشر كالأنعام والمعادن والمواد المختلفة التي يتمتع بها الإنسان في حياته.
(قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٦٥) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (٦٦) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَاؤُنَا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ (٦٧) لَقَدْ وُعِدْنَا هذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٦٨)
لما كان البحث في آخر الآيات السابقة عن القيامة والبعث ، فإنّ الآيات ـ محل البحث ـ