للطفل ، ثم توسعوا في المعنى فصار المهد والمهاد لكل مكان مهيأ ومعد «وفيه منتهى الدعة والراحة» وقد انتخب هذا التعبير لأهل الجنّة والمؤمنين الصالحين ، من هذه الجهة.
ومن الطريف أنّ القرآن اكتفى في شأن الكفار بالتعبير ب (مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) ولكن بالنسبة للمؤمنين تضيف الآية التالية : أنّ المؤمنين لا يرون أعمالهم فحسب ، بل يوليهم الله من مواهبه وفضله فيقول : (لِيَجْزِىَ الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ).
ومن المسلّم به أنّ هذا الفضل لا يشمل الكفار إذ : (إِنَّهُ لَايُحِبُّ الْكفِرِينَ).
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٤٦) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧) اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨) وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (٤٩) فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٥٠)
قلنا : إنّ في هذه السورة قسماً مهمّاً «يستلفت النظر» من دلائل التوحيد وآيات الله ، مبيناً في سبع آيات تبدأ كل منها بقوله : (وَمِنءَايَاتِهِ) قرأنا ستّ آيات منها بصورة متتابعة ، والآية الاولى من الآيات أعلاه هي سابع الآيات التي مرّت ، وآخرها.
وحيث كان الكلام في الآيات السابقة عن الإيمان والعمل الصالح ، فبيان دلائل التوحيد ـ أيضاً ـ تأكيداً على ذلك. تقول هذه الآية : (وَمِنْءَايتِهِ أَن يُرْسِلَ الرّيَاحَ مُبَشّرَاتٍ). فهي تمضي سابقةً للغيث في حركتها ، فتجمع القطع المتفرقة من الغيوم وتربط بينها وتؤلفها وتحملها إلى الأرض اليابسة العطشى ، وتغطي صفحة السماء ، ومع تغير درجة حرارة الجو تهيء المطر للنزول من هذه الغيوم.
ولذلك فنحن نقرأ في تعقيب الآية قوله تعالى : (وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِىَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).