وفي آخر آية ـ من الآيات محل البحث ـ يتوجه الخطاب إلى النبي صلىاللهعليهوآله قائلاً : (فَانظُرْ إِلَى ءَاثَارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْىِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا).
والتعبير بـ (رَحْمَتِ اللهِ) في شأن المطر هو إشارة الآثار المباركة فيه من جهات مختلفة.
ومع الإلتفات إلى العلاقة بين المبدأ والمعاد في المسائل المختلفة ، فإنّ «القرآن» يضيف قائلاً في نهاية الآية : (إِنَّ ذلِكَ لَمُحْىِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلّ شَىْءٍ قَدِيرٌ).
(وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (٥١) فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٥٢) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٥٣) اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) (٥٤)
حيث إنّ الكلام كان ـ في الآيات السابقة ـ عن الرياح المباركة التي كانت مبشرات بالغيث والرحمة ، ففي أوّل آية من الآيات أعلاه إشارة إلى الرياح المدمرّة والتي تجلب الضرر ، إذ يقول القرآن في هذا الصدد : (وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ).
اولئك هم الضعفاء الحمقى فهم قبل نزول الغيث مبلسون آيسون ، وبعد نزوله مستبشرون ، وإذا هبت ريح صفراء في بعض الأيام وابتلوا مؤقتاً تراهم يتصارخون وبالكفر يجأرون ويتجرأون.
على العكس من المؤمنين الصادقين الذين هم بنعمة الله مستبشرون وعليها يشكرون ، وعند نزول المصائب والمشاكل تراهم صابرون.
«مصفراً» : مشتقة من «الصُفرة» وهي لون معروف ؛ ويعتقد أكثر المفسرين أنّ الضمير في «رأوه» يعود على الشجر والنباتات التي تصفر وذبل على أثر هبوب الرياح المخربة.
وفي الآيتين التاليتين ـ بمناسبة البحث الوارد في الآية السابقة ـ فإنّ الناس يقسمون إلى أربعة طوائف :