عملية تحريك الوجدان الإنساني ، وذلك لما للموعظة الحسنة من أثر دقيق وفاعل على عاطفة الإنسان وأحاسيسه ، وتوجيه مختلف طبقات الناس نحو الحق.
٣ ـ (وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ) : الخطوة الثالثه تختص بتخلية أذهان الطرف المخالف من الشبهات العالقة فيه والأفكار المغلوطة ليكون مستعداً لتلقي الحق عند المناظرة.
وفي ذيل الآية الاولى ، يقول القرآن : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).
فالآية تشير إلى أنّ وظيفتكم هي الدعوة إلى طريق الحق بالطرق الثلاثة المتقدمة ، أمّا مسألة من الذي سيهتدي ومن سيبقى على ضلاله ، فعلم ذلك عند الله وحده سبحانه.
٤ ـ إنصبّ الحديث في الأصول الثلاثة حول البحث المنطقي والاسلوب العاطفي والمناقشة المعقولة مع المخالفين ، وإذا حصلت المواجهة معهم ولم يتقبّلوا الحق وراحوا يعتدون ، فهنا يأتي الأصل الرابع : (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ).
٥ ـ (وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لّلصَّابِرِينَ). في تفسير العياشي : إنّ الآية نزلت يوم احد لمّا رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله ما صنع بحمزة بن عبد المطلب (فشقوا بطنه وأخذت هند بنت عتبة كبده فجعلت تلوكه وجدعوا أنفه وأذنه) قال : «اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان على ما أرى». ثم قال : «لئن ظفرت لأمثلن ولأمثلن». ـ وعن ابن عباس قال قال رسول الله : «لأمثلن بسبعين رجلاً منهم». ـ فأنزل الله : (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لّلصَّابِرِينَ). قال فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «أصبر أصبر».
ربّما كانت تلك اللحظة من أشد لحظات حياة النبي صلىاللهعليهوآله ولكنّه تمالك زمام امور نفسه واختار الطريق الثاني ، طريق العفو والصبر.
٦ ـ (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ) : والصبر إنّما يكون مؤثّراً وفاعلاً إذا قصد به رضوانه تعالى ولا يلحظ فيه أيّ شيء دون ذلك.
٧ ـ وإذا لم ينفع الصبر في التبليغ والدعوة إلى الله ، ولا العفو والتسامح ، فلا ينبغي أن يحلّ اليأس في قلب المؤمن أو يجزع ، بل عليه الاستمرار في التبليغ بسعة صدر وهدوء أعصاب أكثر ، ولهذا يقول القرآن الكريم في الأصل السابع : (وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ).
٨ ـ (وَلَا تَكُ فِى ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ) : فمهما كانت دسائس العدو العنيد واسعة ودقيقة وخطرة فلا ينبغي لك ترك الميدان ، لظنّك أن قد وقعت في زواية ضيّقة وحصار محكم ، بل