النقلية المدنية من غير الحيوانات ، فيقول : (وَيَخْلُقُ مَا لَاتَعْلَمُونَ) من المراكب ووسائل النقل.
(وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (٩) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١١) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٢) وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) (١٣)
بعد ذكر مختلف النعم في الآيات السابقة ، تشير هذه الآيات إلى نعم اخرى ... فتشير أوّلاً إلى نعمة معنوية عالية في مرماها : (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ). أي : عليه سبحانه سلامة الصراط المستقيم وهو الحافظ له من كل انحراف ، وقد وضعه في متناول الإنسان.
ولكن أيّ النحوين من الصراط المستقيم هو المراد ، التكويني أم التشريعي؟
اختلف المفسرون في ذلك ، إلّا أنّه لا مانع من قصد الجانبين معاً.
فقد هدى الله الإنسان بالعقل والقدرة وبقية القوى التكوينية التي تعينه للسير على الصراط المستقيم.
كما أرسل له الأنبياء والوحي السماوي وأعطاه التعليمات الكافية والقوانين اللازمة للمضي بهدى التشريع الرباني في تكملة مشوار المسيرة ، وترك باقي السبل المنحرفة.
ثم يحذّر الباري جلّ شأنه الإنسان من وجود سبل منحرفة كثيرة : (وَمِنْهَا جَائِرٌ).
وبما أنّ نعمة الإرادة وحرية الاختيار في الإنسان من أهم عوامل التكامل فيه ، فقد أشارت إليها الآية بجملة قصيرة : (وَلَوْ شَاءَ لَهَدَيكُمْ أَجْمَعِينَ) ولا تستطيعون عندها غير ما يريد الله.
إلّا أنّه سبحانه لم يفعل ذلك ، لأنّ الهداية الجبرية لا تسمو بالإنسان إلى درجات التكامل والفخر.