الشكر هو الانسان المتدبر المعتبر الناظر إلى آلاء الله وآياته نظرة فاحصة عميقة مقدرة ، فيذكر قوله سبحانه وتعالى : «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ» في سور إبراهيم ، ولقمان ، والشورى ، وذلك بعد أن يورد جانبا من نعم الله التي لا تعد ، وآلائه التي لا تحصى.
وإذا كانت الأشياء تتميز بضدها ، وتبدو قيمتها عند المقارنة بما يناقضها ، فلعل القرآن الكريم حين أمرنا بالشكر ونهانا عن ضده وهو الكفر ، قد أراد أن يهدينا الى الخير الكثير الذي نناله حين نتحلى بخلق الشكر ، وحسبنا من الخير أن يكون عاصما لنا من الهلاك والدمار.
والقرآن قد ذكر لنا في مواطن كثيرة أن الشكر يقابل الكفر ، فإذا لم يشكر الانسان فقد جحد الفضل وكفر النعمة ، وطريق الجحود إلى خسار ، وسبيل الكفر إلى دمار ، ولذلك يقول القرآن الكريم في سورة البقرة : (وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ). وفي سورة إبراهيم : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ). وفي سورة النمل : (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) .. وفي سورة لقمان : (وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ).
وبعض هذه الآيات السابقة قد أشار الى أن الشكر يحقّق لصاحبه جزاء طيبا ، ويصونه من السوء والأذى ، وقد أكد القرآن أن لخلق الشكر جزاءه وثوابه ، فقال في سورة الزمر : (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ، وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ ، وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ). وقال في سورة القمر : (نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ). وبداية ثواب الشكر أنه يصون صاحبه من العذاب ، ولذلك قال القرآن : (ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ).
ثم ضمن الله تبارك وتعالى ثواب الشاكرين وجزاءهم بالخير ، فقال في سورة آل عمران : (وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) ، وقال أيضا : (وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) وقال في سورة الاسراء : «وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ