(إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) وفي الشورى : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ). وفي التغابن : (وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ).
ووصف الله بالشكر معناه إنعامه على عباده ، وإثابتهم على ما قاموا به من العبادة .. وفي «تهذيب اللغة» أن الشكور اسم من أسماء الله تعالى ، وأن أبا إسحاق الزجاج فسّر معناه بأنه الذي يزكو عنده القليل من أعمال العباد ، فيضاعف لهم به الجزاء ، وقيل إن شكر الله لعباده هو مغفرته لهم ، والأول أظهر.
والشكر كذلك صفة من صفات خاتم الأنبياء وإمام المرسلين محمد ـ عليه أفضل الصلاة والسّلام ـ وعلى الرغم من ان الله تعالى قد أنزل على نبيه قوله :
(إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ، لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ، وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ، وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً) ، فقد ظل ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ عابدا قانتا ، متهجدا متقربا ، ليضرب المثل الأعلى في خلق الشكر ، ولقد روي عن عطاء أنه قال :
«دخلت على عائشة ـ رضى الله عنها ـ فقلت : أخبرينا بأعجب ما رأيت من رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فبكت وقالت : وأي شأنه لم يكن عجبا؟ أتاني ليلة فدخل معي في فراشي ، حتى مسّ جلده جلدي ، ثم قال : يا ابنة. أبي بكر ذريني أتعبّد لربي. قلت : إني أحب قربك ، لكني أوثر هواك.
فقام إلى قربة ماء ، فتوضأ فلم يكثر صبّ الماء ، ثم قام يصلي ، فبكى حتى سالت دموعه على صدره ، ثم ركع فبكى ، ثم سجد فبكى ، ثم رفع رأسه فبكى ، فلم يزل كذلك يبكي حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة ، فقلت : يا رسول الله ، ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟. قال : أفلا أكون عبدا شكورا؟ ولم لا أفعل ذلك وقد أنزل الله تعالى علي : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ