العالم من مواقع العبر وأحكام القدر ومجاريه ، وما يشاهده من آيات الله الدالة على صدق رسله.
واما استبصار العبرة فهو زيادة البصيرة عما كانت عليه في منزل التفكر بقوة الاستحضار ، لأن التذكر يعتقل المعاني التي حصلت بالتفكر في مواقع الآيات والعبر ، فهو يظفر بها بالتفكر ، وتنصقل له وتتجلى بالتذكر ، فيقوى العزم على السير بحسب قوة الاستبصار ، لأنه يوجب تحديد النظر فيما يحرك المطلب ، اذ الطلب فرع الشعور ، فكلما قوي الشعور بالمحبوب اشتد سفر القلب اليه ، وكلما اشتغل الفكر به ازداد الشعور به ، والتبصر فيه ، والتذكر له».
ويقول ابو عبد الله السجزي الصوفي : «العبرة أن تجعل كلّ حاضر غائبا ، والفكرة ان تجعل كل غائب حاضرا». ويا لها من طاقة روحية اخلاقية لا يقتدر عليها الا السابقون في التحلي بمكارم الأخلاق. وكذلك يقول حاتم الأصم الصوفي : «الشهوة ثلاثة : شهوة في الأكل ، وشهوة في الكلام ، وشهوة في النظر ، فاحفظ الأكل بالثقة ، واللسان بالصدق ، والنظر بالعبرة».
نسأل الله جل جلاله أن يجعلنا من اهل العبرة والاعتبار : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ ، أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ).