وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ».
فالله جل جلاله ـ كما تخبرنا هذه الآية هو الذي يقوم بتحقيق العدل في الدين ، وفي الكون ، فيأمر بعلم ويقضي بحكمة ، وشريعته تحقق العدالة بين مطالب البدن ومطالب الروح ، وهو الذي يأمر بالعدل والتوسط دون إفراط أو تفريط.
و «العدل» نفسه اسم من أسماء الله تعالى ، فهو الذي لا يميل به هوى فيجور في الحكم ، ولفظ «العدل» في الأصل مصدر سمّي ـ به فوضع موضع وصف «العادل» ، ولفظ «العدل» أبلغ في الدلالة على صفة العدالة من لفظ «العادل».
والرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مأمور بالعدل كما يحدثنا القرآن الكريم في قوله : (فَلِذلِكَ فَادْعُ ، وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ).
ويقول الله تعالى آمرا رسوله بالعدل في الحكم لغير المسلمين : (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ). وهذه الآية خطاب من الله جل جلاله للرسول ـ عليه الصلاة والسّلام ـ في شأن حكمه بين غير المسلمين من أهل الكتاب ، فهم ـ وإن كانوا غير مسلمين ـ يجب أن يكون حكمه بينهم بالعدل.
والقرآن الكريم يأمر بالعدل في الحكم والفصل في القضايا والخصومات بين الناس فيقول : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ، وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً) ..
ويقول في آية أخرى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ). وهذا العدل يشمل أول ما يشمل المساواة والعدالة عند الفصل في الحقوق بين الناس.
ويقرر الإمام الشافعي هنا أن القاضي ينبغي له أن يسوي بين الخصمين في خمسة أشياء : في الدخول عليه ، والجلوس بين يديه ، والاقبال عليهما ، والاستماع منهما ، والحكم عليهما ، ولا ينبغي أن يلقن واحدا منهما حجته ، ولا أن يلقن