بقيت بعد ذلك عبارة مثيرة يقول فيها يحيى بن معاذ : «من استحيى من الله مطيعا استحيى الله منه وهو مذنب». ولنترك ابن قيم الجوزية يشرح هذه العبارة ويفسرها بقوله : «من غلب عليه خلق الحياء من الله تعالى حتى في حال طاعته ، فقلبه مطرق بين يديه إطراق مستح خجل ، فإنه إذا واقع ذنبا استحيى الله عزوجل من نظره إليه في تلك الحالة لكرامته عليه ، فيستحيي أن يرى من وليه ومن يكرم عليه ما يشينه عنده ، وفي المشاهد شاهد بذلك ، فإن الرجل إذا اطلع على أخصّ الناس به ، وأحبّهم إليه ، وأقربهم إليه ـ من صاحب أو ولد أو من يحبه ـ وهو يخونه ، فإنه يلحقه من ذلك الاطلاع عليه حياء عجيب ، حتى كأنه هو الجاني ، وهذا غاية الكرم».
نسأل الله جلت قدرته أن يجمّلنا بخلق الحياء منه ، إنه اكرم مسؤول وأفضل مأمول.