يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ، إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً ، يُرِيدُ اللهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١)». ويقول في سورة المائدة : (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بافواههم ولم تؤمن قلوبهم ، ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك ، يحرفون الكلم من بعد مواضعه ، يقولون ان أوتيتم هذا فخذوه وان لم تؤتوه فاحذروا ، ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا ، اولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم) (٢). ويقول في السورة نفسها : (وترى كثيراً منهم يسارعون في الاثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون) (٣).
بل لقد يشترك اثنان في استباق ، ويكون بين هدفيهما ما بين السماء والارض من افتراق ، وقد عرض علينا القرآن صورة لذلك حينما قال في سورة يوسف ، عن يوسف وامرأة العزيز : (وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ) (٤) ، فكل منهما قد سارع نحو الباب ، ولكنها سارعت اليه استمرارا منها في مراودتها ، وغلوا منها في اثمها واجرامها ، وسارع هو الى الباب فرارا بدينه وفضيلته ، فالمرأة قد سابقت الى الشر ، ويوسف قد سابق الى الخير ، ولكل وجهة هو موليها.
ولعل أشنع صورة من صور المسابقة الآثمة أن يسبق الانسان الى
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية ١٧٦.
(٢) سورة المائدة ، الآية ٤١.
(٣) سورة المائدة ، الآية ٦٢.
(٤) سورة يوسف ، الآية ٢٥.