دينك يكفك القليل من العمل». أي اجعل ايمانك خالصا مما يشوبه من شهوات النفس ، واجعل طاعتك كلها لوجه الله ، يصبح القليل من عملك كثيرا مباركا.
ولقد عني الحديث القدسي بأمر الاخلاص والتحذير من ضده ، فجاء فيه : «أنا أغنى الأغنياء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك فيه غيري فهو للذي أشرك به ، وأنا منه بريء (١)». ويقول الله تعالى في الحديث القدسي أيضا : «الاخلاص سر من سري ، استودعته قلب من أحببت من عبادي».
وعني الحديث النبوي كذلك بأمر الاخلاص ، فجاء فيه : «ثلاث لا يغلّ عليهن قلب مسلم : اخلاص العمل لله ، ومناصحة ولاة الأمر ، ولزوم جماعة المسلمين ، فان دعوتهم تحيط من ورائهم». ومعنى : «لا يغل عليهن» هو كما قال ابن القيم : لا يبقى في قلب المؤمن غل مع وجود هذه الأمور الثلاثة. وروى مسلم قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «ان الله لا ينظر الى أجسامكم ، ولا الى صوركم ، ولكن ينظر الى قلوبكم».
*
وللاخلاص ارتباط وثيق بالنية ، ولو قلنا ان الاخلاص هو تطهير النية وتجريدها لله عند العمل والسعي ، لما بعدنا عن الحقيقة ، ولذلك جاء في الحديث المتفق عليه : «انما الاعمال بالنيات» (٢). وكتب عمر الى ابي موسى الاشعري يقول له : «من خلصت نيته كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس».
__________________
(١) انظر كتابي «أدب الاحاديث القدسية» ص ٥١ و ٢٢٣.
(٢) انظر كتابي «من أدب النبوة» ص ٩ ـ ١٣.