يونس : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ ، وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ ، وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ ، دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ : لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ، فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ! يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ ، مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ، ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١).
ويقول في سورة العنكبوت : (فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ، فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون ، ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون) (٢).
ويقول في سورة لقمان : (واذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا الا كل ختار كفور) (٣).
ومعنى دعائهم هنا ـ كما يقول الآلوسي ـ هو أنهم دعوا الله من غير اشراك سواه في الرجاء ، لرجوعهم من شدة الخوف الى الفطرة التي جبل عليها كل أحد من التوحيد ، وأنه لا متصرف الا الله سبحانه ، وهذا شيء مركوز في طبائع الناس يظهر عند الشدائد.
ولقد روي أن عكرمة بن أبي جهل ركب البحر يوم فتح مكة هاربا ، فأصابتهم ريح عاصف ، فقال أصحاب السفينة لأهل السفينة : أخلصوا ، فان آلهتكم لا تغني عنكم شيئا.
فقال عكرمة : لئن لم ينجني في البحر الا الاخلاص ، ما ينجيني في
__________________
(١) سورة يونس ، الآيتان ٢٢ و ٢٣.
(٢) سورة العنكبوت ، الآية ٦٥.
(٣) سورة لقمان ، الآية ٣٢.