فليحفظ الموثوق به أمانته ، والمؤتمن عليه هاهنا عام يشمل الوديعة وغيرها ، فعلى المؤتمن ان يؤدي الامانة الى من ائتمنه ، وليتق الله ربه ، فلا يتخون من الامانة شيئا ، لأنه لا حجة على ذلك الشيء ولا شهيد ، فان الله رب العالمين هو خير الشاهدين ، فهو أولى بأن يتقى ويطاع ...
مما يدل على جلال مكانة الامانة أن القرآن الكريم وصف سفير الرحمن جبريل عليهالسلام بأنه أمين ، فقال في سورة الشعراء : «نزل به الروح الأمين (١) أي المؤتمن على وحي الله ، لا يزيد فيه ولا ينقص منه. وكذلك قال عن جبريل في سورة التكوير : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ، مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) (٢).
وأشار القرآن الكريم أكثر من مرة ان رسل الله عليهم الصلاة والسّلام يتصفون بصفة الامانة ، ففي سورة الشعراء نرى أن نوحا قد قال لقومه : () [١] ، أي اني رسول من الله اليكم ، أمين فيما بعثني به ، أبلغكم رسالات ربي ، ولا أزيد فيها ولا أنقص منها ، ونوح هو أول رسول أرسله الله تعالى الى أهل الارض بعد ما عبد الناس الاصنام.
وكذلك قال كل من هود وصالح ولوط وشعيب ـ عليهمالسلام : (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) كما نرى في سورة الشعراء (٤).
وأشار القرآن الى أمانة موسى منذ شبابه ، فجاء في سورة القصص
__________________
(١) سورة الشعراء ، الآية ١٩٣.
(٢) سورة التكوير ، الايات ١٩ ـ ٢١.
(٣) سورة الشعراء ، الآية ١٠٧
(٤) سورة الشعراء ، الآيات ١٢٥ و ١٤٣ و ١٦٢ و ١٧٨.