الناس ، لأن الآية الكريمة لم تخصص نوعا من أنواع الأمانة ، فكان التعميم أولى وأحسن (١)»
* * *
ويقول الحق تبارك وتعالى في سورة النساء : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) ولا تؤدى الامانات الى أهلها على وجهها الا من المتصفين بفضيلة الامانة ، حتى يرعوا حقوق الناس حق رعايتها. وقد روي في سبب نزول هذه الآية أن الرسول صلىاللهعليهوسلم حينما فتح مكة دعا عثمان بن طلحة ، وكان بيده مفاتيح الكعبة ، فلما جاء عثمان قال له النبي : أرني المفتاح (يعني مفتاح الكعبة) ، فلما مد عثمان يده بالمفتاح ، قال العباس بن عبد المطلب : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، اجمعه لي مع السقاية.
فقبض عثمان يده بالمفتاح خوفا أن ينتزع منه ، فقال له النبي عليه الصلاة والسّلام : هات المفتاح يا عثمان. فأعطاه قائلا : هاك أمانة الله. فقام النبي وفتح الكعبة وطهرها ، وخرج فطاف بالبيت ، ثم عاد فرد المفتاح الى عثمان ، وتلا قول ربه تبارك وتعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ...) (٢).
ويقول الله تعالى في سورة البقرة : (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ) (٣). أي ان وثق بعضكم ببعض
__________________
(١) كتاب «يسألونك في الدين والحياة» ص ٤٢٠ و ٤٢١. طبعة دار الرائد العربي ببيروت.
(٢) سورة النساء ، الآية ٥٨.
(٣) سورة البقرة ، الآية ٢٨٣.