أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). وقال في سورة يوسف : (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ).
وحمل القرآن على الانسان الجاحد الضال بسبب يأسه وقنوطه ، فقال في سورة هود : (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ). أي انه في هذه الحالة شديد اليأس من الرحمة ، قطوع الرجاء من عودة تلك النعمة ، كثير الكفران لغيرها من النعم التي لا يزال يتمتع بها ، فضلا عما سلف منها ، فهو يجمع بين اليأس مما نزع منه ، والكفر بما بقي له ، لحرمانه من فضيلتي الصبر والشكر.
ويقول في سورة الاسراء : (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً). أي اذا أنعمنا عليه تكبر وتباعد عن القيام بحقوق الله ، واذا ابتلاه الله بشدة من فقر أو مرض يئس وقنط ، لانه لا يثق بفضل الله تعالى ، ولا يحسن الظن به. ويقول في سورة العنكبوت : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي ، وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» ...) الخ.
وأما المؤمن الذي هداه الرحمن ورباه القرآن ، فانه يعتصم بحبل الله القوي المتين ، ويستضيء بهدي ربه المبين ، فيظل متمسكا بعروة الأمل والرجاء ، ان نالته نعمة شكر ، وان ابتلاه الله احتمل وصبر ، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.
*
ويأتي حديث الرجاء عند الصوفية ...
ان الصوفية يعرّفون الرجاء بعدة تعريفات. فالرجاء هو الثقة بجود الله تعالى ، وهو الارتياح لمطالعة كرم الله سبحانه ، وهو الاستبشار