يراد بها السوء ، فجاء قوله : «النظرة سهم مسموم من سهام ابليس ، فمن تركها خوفا من الله تعالى أعطاه الله تعالى ايمانا يجد حلاوته في قلبه». وقوله : «زنى العينين النظر». وقوله : «لتغضن أبصاركم ، ولتحفظن فروجكم ، ولتقيمن وجوهكم ، أو لتكسفن وجوهكم».
وجعل الرسول صلىاللهعليهوسلم «غض البصر» في طليعة حقوق الطريق ، وقال : «لا تجلسوا على ظهر الطريق ، فان أبيتم فغضوا الأبصار ، وردوا السّلام ، واهدوا الضال ، وأعينوا الضعيف». وقال : «غضوا أبصاركم ، وكفوا أيديكم ، واحفظوا فروجكم».
وسما النبي بمكانة غض البصر ، ونوه بثمرته الجليلة ، فقال : «من حفظ بصره أورثه الله نورا في بصيرته». وقال : «ما من مسلم ينظر الى محاسن امرأة ، ثم يغض بصره ، الا أخلف الله له عبادة يجد حلاوتها». وقال : «كل عين باكية يوم القيامة ، الا عينا غضت عن محارم الله ، وعينا سهرت في سبيل الله ، وعينا يخرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله».
واذا علمنا أن الله تبارك وتعالى يعفو عن النظرة المفاجئة التي تأتي بلا تعمد أو ترصد أدركنا مفهوم قول الرسول لعلي : «يا علي ، لا تتبع النظرة النظرة ، فان لك الأولى وليست لك الآخرة». وقول جابر : «سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن نظر الفجأة فقال لي : انصرف نظرك».
ولقد سمع النبي رجلا ينعت امرأة ويصفها وصفا دقيقا من توقحه في تكرار نظره اليها ، فقال له النبي : «لقد غلغلت النظر ـ أي عمقته ـ يا عدو الله».
ومهما يكن من أمر فما أشد خوفنا لو نذكر حق التذكر قول ربنا عن رقابته واحاطته : «يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور». والعين الخائنة هي التي تنظر في تستر واستخفاء ، وتنتهز فرصة الغفلة من الغير فتتطلع الى ما لا يجوز لها أن تنظر اليه.