ويروى عن السيد المسيح عليهالسلام أنه قال : «اياكم والنظرة ، فانها تزرع في القلب شهوة ، وكفى بها فتنة». وقال : «لا يزني فرجك ما غضضت بصرك». ويقول بعض الحكماء : «رب نظرة ، كانت بذرة ، لأخبث شجرة».
ويقول آخر :
كل الحوادث مبداها من النظر |
|
ومعظم النار من مستصغر الشرر |
والمرء ما دام ذا عين يقلّبها |
|
في أعين العين (١) موقوف على الخطر |
كم نظرة فعلت في قلب صاحبها |
|
فعل السهام بلا قوس ولا وتر |
يسر ناظره ما ضر خاطره |
|
لا مرحبا بسرور جاء بالضرر |
على أن هناك مواطن يتسامح الدين فيها اذا لم يتوافر فيها غض البصر ، لوجود أغراض مشروعة تبيح النظر ، ومنها ـ كما ذكر النيسابوري ـ أن يريد زواج امرأة فينظر الى وجهها وكفيها ، ومنها أن ينظر الى المرأة عند تحمل الشهادة. ومنها أنه يجوز للطبيب الأمين أن ينظر الى بدن المرأة الأجنبية للعلاج ، كما يجوز للخاتن أن ينظر الى عورة المختون لأنه محل ضرورة .. وهكذا ، فان كان هناك شهوة وفتنة فالنظر محظور.
وكذلك الشأن في «غض الصوت» ، فاذا كان الانسان يغض صوته مع من يعزه أو يحترمه أو يترفق به ، أو حيث يحاور الانسان أو يدعو ، فان هناك بعض المواقف التي تحتاج الى جهارة الصوت ، كما في الانذار أو التحذير ، أو بين الجمع الكبير ، وهكذا.
*
ثم نأتي الى الصوفية وغض البصر ، حيث نجد طريقتهم الخاصة بهم في تناول الأمور الأخلاقية والتهذيبية ، فقد سئل الشبلي عن معنى قوله
__________________
(١) العين ـ بكسر العين ـ : جمع عيناء ، والمراد المرأة الجميلة العينين.