وهذه المادة تدل على التسوية والاتقان والاحسان ، ولقد رأى الرسول رجلا يسرع في صلاته ، فقال : «لو خشع هذا لخشعت جوارحه». ورأى آخر يسرع في صلاته فقال له : «صلّ فانك لم تصلّ».
والاحسان مطلوب في أداء الزكاة ، بدليل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ ، وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ، وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ، وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) (١) وقوله : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
والاحسان مطلوب في الصوم باخلاص النية ، والامتناع عن المفطرات الحسية ، ومنع الاعضاء عن استخدامها فيما لا يليق بالمسلم ، ومنع العقل والقلب عن خواطر الاثم وأفكار السوء.
ولذلك يقول القرآن الكريم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). ففي قوله : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) اشارة الى أن جوهر الحكمة في الصوم التقوى ، ومن هنا قال الحديث القدسي : «كل عمل ابن آدم له ، الا الصوم ، فانه لي ، وأنا أجزي به ، يدع طعامه وشرابه من اجلي».
والاحسان في الحج مطلوب بالتجرد في الرحلة الى الله تبارك وتعالى ، والاستغراق في معاني ضيافة الله ، والله يقول : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ
__________________
(١) لا تيمموا : لا تقصدوا. والخبيث : الرديء. وتغمضوا فيه :
تتساهلوا.