ولقد جاء في بعض الآثار ما يدل على أن الذنب اذا أتبعه صاحبه بثمانية أعمال كان العفو عنه مرجوا ، وأربعة من هذه الثمانية تكون بالقلب ، وهي التوبة أو العزم على التوبة ، وحب الاقلاع عن الذنب ، والخوف من العقاب عليه ، ورجاء المغفرة له. والأربعة الباقية تكون بالجوارح ، وهي أن يصلي عقيب الذنب ركعتين ، ثم يستغفر الله بعدها سبعين مرة ، ويقول : «سبحان الله العظيم وبحمده» مائة مرة ، ثم يتصدق بصدقة ، ثم يصوم يوما.
* * *
والناس فيما يتعلق بموقفهم من التوبة طبقات ، فالطبقة العليا هي أن يتوب الانسان ، ويستقيم على التوبة الى آخر عمره ، فهذا هو السابق بالخيرات ، وهو صاحب التوبة النصوح ، وهو صاحب النفس المطمئنة التي ترجع الى ربها راضية مرضية ، والطبقة التي بعدها هي أن يتوب الانسان ، ويستقيم في عمل أمهات الطاعات ، ولكنه قد يقع في بعض الذنوب ، فيندم ويأسف ، ويلوم نفسه على ذلك ، وهذا هو صاحب النفس اللوامة ، والطبقة الثالثة هي أن يتوب الانسان ، ويستمر على الاستقامة مدة ، ثم يغلب عليه هواه ، فيدعوه الى بعض الذنوب من حين الى حين ، وان كان مؤديا للطاعات ، وهذا هو صاحب النفس السوّالة التي تسوّل لصاحبها عمل المعاصي ، والطبقة الرابعة هي أن يتوب الانسان مدة ، ثم يعود وينهمك في المعاصي ، وهذا هو صاحب النفس الأمارة بالسوء ، وهذه الطبقة هي شر الطبقات الأربع ، وقد توسع الغزالي في الحديث عن كل طبقة من هذه الطبقات.
والتوبة اذا تحققت على وجهها كان ثوابها عظيما جليلا ، وحسبنا أن نجد القرآن الكريم يقول في سورة القصص : (فَأَمَّا مَنْ تابَ