ربه ، ينتقل الى الامر بالحذر من طوائف من الناس ، فالله تعالى يحذر نبيه صلىاللهعليهوسلم ان يفتنه أهل الكتاب ، أو يتبع شيئا من أهوائهم ، لأن النبي هو المثل الاعلى في الخضوع لامر الله ، والبعد عن مخالفته في قليل أو كثير ، فيقول القرآن في سورة المائدة : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ) (١).
ويأمر الله تعالى نبيه أن يحذر أولئك المنافقين الخادعين المضللين المتظاهرين بالاسلام المبطنين للكفران ، فيقول عنهم في سورة المنافقون : (واذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ، وان يقولوا تسمع لقولهم ، كأنّهم خشب مسندة ، يحسبون كل صيحة عليهم ، هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون) (٢). وما أجدر رسول الله عليه الصلاة والسّلام ـ ومن ورائه كل مسلم ـ أن يحذر هؤلاء المنافقين المخادعين الذين تقول عنهم السورة الكريمة : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ ، وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ، وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ ، اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ، إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ، فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) (٣).
* * *
ثم ينتقل القرآن المجيد من تحذير الرسول الى دعوة المؤمنين جميعا الى الحذر والخوف من العدو غير الظاهر ، أو ممن يظنهم الانسان سندا له وعونا ، فاذا هم أحيانا يكونون سببا في خساره أو بواره ، فيقول
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية ٤٩.
(٢) سورة المنافقون ، الآية ٤.
(٣) سورة المنافقون ، الآيتان ١ و ٢.