القرآن في سورة التغابن : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) (١) فهم عدو يشغلكم عن طاعة الله تعالى ، أو يخاصمكم في امر الدين والدنيا ، والعدو هنا ليس عدوا لذاته ، لان الاصل في الزوجة والاولاد أن يكونوا محبين محبوبين بالنسبة الى الزوج والاب ، وانما هم عدو يشغلكم عن طاعة ربكم ، فاذا فعل الزوج أو الولد فعل العدو كان عدوا ، ولا فعل أقبح من الحيلولة بين العبد والطاعة.
ولقد روى أهل التفسير ان هذه الآية الكريمة نزلت في عوف بن مالك الاشجعي ، كان ذا أهل وولد ، وكان اذا أراد الغزو بكوا اليه ورققوه وقالوا : الى من تدعنا؟. فيرق لهم فيقيم معهم ويترك الغزو ، فنزلت الآية لتكون عظة وعبرة.
وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ان الشيطان قعد لابن آدم في طريق الايمان ، فقال له : أتؤمن وتذر دينك ودين آبائك؟ فخالفه فآمن ، ثم قعد له على طريق الهجرة ، فقال له : أتهاجر وتترك مالك وأهلك ، فخالفه فهاجر. ثم قعد له على طريق الجهاد فقال له : أتجاهد فتقتل نفسك ، فتنكح نساؤك ، ويقسم مالك؟. فخالفه فجاهد ، فقتل فحق على الله ان يدخله الجنة.
وقعود الشيطان يكون بوجهين : أحدهما يكون بالوسوسة ، والثاني بأن يحمل على ما يريد من ذلك الزوج والولد والصاحب ، ولذلك قال الله تعالى في سورة فصلت : (وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم ، وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والانس انهم كانوا خاسرين) (٢).
__________________
(١) سورة التغابن ، الآية ١٤.
(٢) سورة فصلت ، الآية ٢٥.