(وَمِنْ آبائِهِمْ) ، من فيه للتبعيض ، لأن آباء بعضهم كانوا مشركين (١) ، (وَذُرِّيَّاتِهِمْ) ، أي : ومن ذرياتهم وأراد ذرية بعضهم ، لأن عيسى ويحيى لم يكن لهما ولد وكان في ذرية بعضهم من كان كافرا ، (وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ) ، اخترناهم واصطفيناهم ، (وَهَدَيْناهُمْ) ، أرشدناهم ، (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
(ذلِكَ هُدَى اللهِ) ، دين الله ، (يَهْدِي بِهِ) ، يرشد به ، (مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا) ، أي : هؤلاء الذين سمّيناهم ، (لَحَبِطَ) ، لبطل وذهب ، (عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
(أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) ، أي : الكتب المنزلة عليهم ، (وَالْحُكْمَ) ، يعني : العلم والفقه ، (وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ) ، يعني : أهل مكة ، (فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) ، يعني : الأنصار وأهل المدينة قاله ابن عباس ومجاهد ، وقال قتادة : فإن يكفر بها هؤلاء الكفار فقد وكّلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين ، يعني : الأنبياء الثمانية عشر الذين ذكرهم الله هاهنا ، وقال أبو رجاء العطاردي : معناه إن يكفر بها أهل الأرض فقد وكلنا بها أهل السماء وهم الملائكة (٢) ليسوا بها بكافرين.
(أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرى لِلْعالَمِينَ (٩٠) وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (٩١))
(أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ) ، أي : هداهم الله ، (فَبِهُداهُمُ) ، فبسنّتهم وسيرتهم ، (اقْتَدِهْ) ، الهاء فيها هاء الوقف ، وحذف حمزة والكسائي ويعقوب الهاء في الوصل ، والباقون بإثباتها وصلا ووقفا ، وقرأ ابن عامر : (اقْتَدِهْ) بإشباع الهاء كسرا ، (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ) ، ما هو ، (إِلَّا ذِكْرى) ، أي : تذكرة وعظة (٣) ، (لِلْعالَمِينَ).
(وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) ، أي : ما عظموه حق عظمته ، وقيل : ما وصفوه حق وصفه ، (إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ).
[٨٨١] قال سعيد بن جبير : جاء رجل من اليهود يقال له مالك بن الصيف يخاصم النبيّ صلىاللهعليهوسلم بمكة ، فقال له النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أما تجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين» ، وكان حبرا سمينا فغضب ، فقال : والله ما أنزل الله على بشر من شيء.
وقال السدي : نزلت في فنحاص بن عازوراء ، وهو قائل هذه المقالة. وفي القصة أنّ مالك بن الصيف لما سمعت اليهود منه تلك المقالة عتبوا عليه ، وقالوا : أليس أن الله أنزل التوراة على موسى ، فلم قلت ما أنزل الله على بشر من شيء؟ قال : فقال مالك بن الصيف : أغضبني محمد فقلت ذلك ، فقالوا له : وأنت إذا غضبت تقول على الله غير الحق فنزعوه من الحبرية ، وجعلوا مكانه كعب بن الأشرف. وقال ابن
__________________
[٨٨١] ـ ضعيف. أخرجه الطبري ١٣٥٣٩ من رواية جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير مرسلا ، وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٤٤٠ عن سعيد بن جبير بدون إسناد.
__________________
(١) في ب «مسلمين».
(٢) زيد في المطبوع «قوما».
(٣) في المطبوع «وموعظة».