في نفسه ، ويجعلها حجابا بينه وبين ربه ، لا يمكنه أن يعتمد في الشدائد عليها ، ولا يجد عندها غناء اذا هو لجأ اليها ، وما هو من سلطتها على يقين ، وانما هو من الظانين أو الواهمين.
وأما ذو التوحيد الخالص فهو يعلم أن لا فاعل الا الله تعالى ، وأنه من رحمته قد هدى الانسان الى السنن الحكيمة التي يجري عليها في أفعاله ، فاذا أصابه ما يكره بحث في سببه ، واجتهد في تلافيه من السنة التي سنها الله تعالى لذلك ، فان كان أمرا لا مرد له ، سلم أمره فيه الى الفاعل الحكيم ، فلا يحار ولا يضطرب ، لأن سنده قوي عزيز ، والقوة التي يلجأ اليها كبيرة لا يعجزها شيء ، فاذا نزل به سبب الحزن ، أو عرض له مقتضى الخوف ، لا يكون أثرهما الا كما يطيف الخاطر بالبال ، ولا يلبث أن يعرض له الزوال :
«الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ ، أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ» (١).
ومن ثمرات اقامة الانسان وجهه لله تبارك وتعالى النجاة والامان ، والترقي الى أعلى الدرجات والاستمساك بحبل متين لا ينقطع ، لأن أوثق الاسباب هو جانب الله ، وكل ما عداه هالك ومنقطع :
«وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى ، وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ» (٢).
اللهم انا نسألك بفضلك وطولك وحولك أن تقيم وجوهنا لك وحدك ، وأن ترزقنا الاخلاص في عبادتك ، انك أنت البر الرحيم.
__________________
(١) سورة الرعد ، الآية ٢٨.
(٢) سورة لقمان ، الآية ٢٢.