أي ان الله اختار لكم دين الاسلام القائم على أساس التوحيد والاخلاص والانقياد ، فلا تتركوا الاسلام فيصادفكم الموت وأنتم تاركون له بل الزموا الاسلام دائما ، فاذا أدرككم الموت صادفكم مسلمين ، وأنتم مذعنون خاضعون منقادون لأمره ونهيه ، وخلاصة هذه العقيدة كما يرى الاستاذ الامام ـ هي اسلام القلب لله تعالى والاخلاص له ، فدين الله واحد في حقيقته وروحه ومعناه الاستسلام لله تعالى والخضوع والاذعان لهداية الاسلام ولذلك قال الله تعالى :
«شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ» (١).
فالتفرق في الدين انما جاء من الجهل والتعصب للاهواء ، والمحافظة على المنافع المتبادلة بين المرؤوسين والرؤساء ، والقرآن يطالب الجميع بالاتفاق في الدين والاجتماع على أصله العقلي وهو التوحيد والبراءة من الشرك بأنواعه ، والقلبي وهو الاسلام والاخلاص لله في جميع الاحوال ، ومن لم يكن متحققا بهذا المعنى فليس بمسلم ، أي ليس على دين الله القيّم الذي كان عليه جميع أنبياء الله تعالى ، ويقول القرآن الكريم في سورة يوسف على لسان يوسف عليهالسلام :
«رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا
__________________
(١) سورة الشورى ، الآية ١٣.