والله تعالى انما يرضيه منا أن نزكي نفوسنا بمكارم الاخلاق ونثقف عقولنا بالاعتقاد الصحيح المؤيد بالبرهان وبهذا نكون محل عناية الله تعالى ، ومستودع معرفته وموضع كرامته.
وأما الذي يقصد بأعماله ارضاء شهوته واتباع هواه ، فانه لا يزيد نفسه الا جبنا ، ويكون بعيدا عن المعنى الجليل الاصيل للاسلام ، والله تعالى يقول :
«أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً» (١).
ويقول القرآن في سورة آل عمران : «ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين» أي كان مخلصا لربه الطاعة والاذعان والخضوع ، فابراهيم المتفق على اجلاله عند أهل الملل الثلاث لم يكن على ملة واحد منهم بل كان ـ كما يذكر تفسير المنار ـ مائلا عن مثل ما هم عليه من الوثنية والتقاليد ، مسلما خالصا لله تعالى ، وليس المراد بكونه مسلما أنه كان على مثل ما جاء به محمد صلىاللهعليهوسلم من الشريعة بالتفصيل ، وانما المراد أنه كان متحققا بمعنى الاسلام الذي هو التوحيد والاخلاص لله في عمل الخير.
ويقول القرآن في سورة البقرة :
«وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ» (٢).
__________________
(١) سورة الفرقان ، الآية ٤٣.
(٢) سورة البقرة ، الآية ١٣٢.