وعدم اضاعة الطاقة الحسية الجسمية في التبختر والاختيال والتثني. فينبغي أن تكون المشية قاصدة الى هدف ، لا تتلكأ ولا تتخايل ولا تتبختر ، بل تتجه الى غايتها ومقصدها في انطلاق واعتدال.
ولقد قالت سورة لقمان قبل الآية السابقة :
«وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً» (١).
وعدم ذلك قد يكون بضده ، وهو مشية المتماوت البطيء الذي يبدي من نفسه الضعف تزهدا ، ولذلك قال : واقصد في مشيك ، أي كن وسطا بين الطرفين المذمومين.
ولنلاحظ هنا أن القصد يكون في كثير من الامور : في التفكير ، وتكوين الرأي ، واصدار الحكم ، والعمل ، والقول ، والمشي ، والحركة ، والنوم ، والراحة ... الخ.
ويقول القرآن المجيد في سورة لقمان أيضا :
«وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ، وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ» (٢).
اذا غشي هؤلاء موج كالظلل فخافوا الغرق ، فزعوا الى الله بالدعاء والطاعة ، لا يشركون به هنالك شيئا ، ولا يدعون معه أحدا سواه ، ولا يستغيثون بغيره ، فلما نجاهم من الغرق والهلاك فمنهم مقتصد ، وهو
__________________
(١) سورة لقمان ، الآية ١٨.
(٢) سورة لقمان ، الآية ٣٢.